20 عاماً على هجمات سبتمبر.. كيف ينظر أفراد القاعدة لطالبان اليوم؟

بعد تدقيق في مسار تنظيم القاعدة نجد أنّ قادة كباراً من صلب التنظيم قد تراجعوا إلى الخلف، وأنّ التمويل يتضاءل، وأنّه كان يخسر أصدقاء له أيضاً. في هذا التقرير، سنبحث في المناطق التي يزدهر فيها تنظيم القاعدة، وإذا ما كان سيبقى يشكل خطراً في المستقبل.

  • أفريقيا تشكّل أرضية خصبة للنشاطات الإرهابية لأسباب مختلفة
  • وجدت القاعدة لنفسها ملاذاً آمناً في أفغانستان حيث ساعدتها حركة طالبان وأمنت الحماية
  • هل ستساعد حركة طالبان القاعدة على النهوض من بين الأموات؟
  • يتواجد تنظيم القاعدة في ما لا يقل عن 15 ولاية أفغانية
  • أسباب كثيرة تفسّر تعذّر الإنفصال الكامل بين طالبان والقاعدة

الاختطاف

تبقى عمليات خطف الصحافيين والمواطنين الأجانب إحدى السبل الرئيسية التي لجأت إليها القاعدة وشركاؤها، لجمع الأموال الضرورية لتنفيذ عملياتها. ويبيّن الرسم البياني أدناه، عدد الأشخاص الذين اختطفتهم كلّ المنظمات الإرهابية بين العامين 2007 و2019.

الرسم البياني التالي يظهر الأرباح المادية الهائلة التي حصلت عليها القاعدة وشركاؤها، من خلال خطف المواطنين الأجانب. في الحقيقة، فإنّ الحكومات غالباً ما وجدت نفسها مرغمة على دفع مبالغ مالية كبيرة من أجل حماية مواطنيها من عمليات الخطف هذه.

غرب أفريقيا ومنطقة الساحل

تاريخياً، لقد جعل التنظيم من السودان الموحد قاعدةً له في بداياته. وبين العامين 1992 و1996، استقر أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة في السودان حيث أسّسوا مخيمات تدريب للمقاتلين.

بعد ذلك، وجدت القاعدة لنفسها ملاذاً آمناً في أفغانستان حيث ساعدتها حركة طالبان وأمنت الحماية لها حتى مقتل أسامة بن لادن في العام 2011. لكن بعد ذلك، عاد التنظيم إلى أفريقيا مستفيداً هذه المرّة من مساعدة شركاء محليين من ميلشيات إقليمية لديها أجندات خاصة بها، لكنّها كانت بحاجة لمساعدة من مجموعات أكبر ودولية على نطاق أوسع، على سبيل القاعدة، وذلك من أجل تأمين التمويل وتدريب المقاتلين.

في حديث لـ”أخبار الآن“، فقد صرّحت الخبيرة في الدراسات الأفريقية حوا نور زيتزمان، بأن أفريقيا تشكّل أرضية خصبة للنشاطات الإرهابية لأسباب مختلفة. أوّلاً، هناك الإخوان المسلمين الذين أسهموا في تبادل الأفكار بين الشرق الأوسط وأفريقيا.

وقالت:

نعرف أنّه في تلك الفترة كانت مجموعات الإخوان المسلمين نشيطة للغاية، وبالتالي تمّ استحداث هذه الأفكار في القارة الأفريقية، في الصومال مثلاً حيث تسلّلت حقاً من خلال حركة الإتحاد الإسلامي.
حوا نور زيتزمان

ونعرف تمام المعرفة أنّ هذه الحركة كانت أيضاً حليفة للقاعدة. كما أنّ أفريقيا تتخبّط في الفقر والحكومات الفاسدة، ما يسهم بقوة في نشر الإيديولوجيات الإرهابية.

في الواقع، الصومال وجمهورية جنوب السودان دولتان موجودتان في أفريقيا، وهما من بين أكثر الدول الفاسدة على الإطلاق. وفي التفاصيل، لقد أصدر هذه التقديرات في العام 2020، مؤشر  Corruption Perceptions Index

إليكم كيف قيّم المؤشر كلّ البلدان:

نحن في أفريقيا نواجه مشاكل تتعلق بالحوكمة وغياب التمكين لدى المواطنين، وتلك عناصر تلاعبت بها جيّداً أو استغلتها هذه المجموعات، وقد نجحت في ذلك.
حوا نور زيتزمان

في الواقع، يعود تورّط القاعدة في أفريقيا إلى فترة التسعينيات من القرن الماضي. وقد شمل عدداً من الهجمات التفجيرية في شمال أفريقيا في وقت دعمت فيه الأطراف المتنازعة في الحروب الأهلية في إريتريا والصومال.

في الحقيقة في السنوات القليلة الماضية، لقد ازداد معدل العنف الذي مارسه متمردون إسلاميون في الصحراء الكبرى، يطلقون على نفسهم إسم القاعدة في المغرب الإسلامي. وهنا يعلّق مسؤولون فرنسيون قائلين إنّ المتمردين ليسوا على صلة حقيقية بقيادة القاعدة، إلّا أنّ هذه الفكرة بقيت مثيرة للجدل.

في مالي مثلاً، قيل أيضاً إنّ فصيل أنصار الدين هو أيضاً حليف للقاعدة في العام 2013. وقد أعلن هذا الفصيل ولاءه للقاعدة في المغرب الإسلامي. وفي العام 2011، دان جناح القاعدة في شمال أفريقيا الزعيم الليبي معمر القذافي، وأعلن كذلك دعمه للمتمردين المعادين له.

هل ستساعد حركة طالبان القاعدة على النهوض من بين الأموات؟

من المعروف تاريخياً أنّ طالبان أمّنت المأوى والحماية لتنظيم القاعدة في أفغانستان. وفي السنوات الخمس الأولى التي حكمت فيها طالبان البلاد بين العامين 1996 و2001، بنت الحركة الإسلامية علاقات مع زعيم القاعدة أسامة بن لادن مما أمّن لأصدقائها المتشددين قاعدة انطلقوا منها للتخطيط للهجمات الإرهابية المدمرة على مبنى مركز التجارة العالمي في نيو يورك الذي أوقع 2996 قتيلاً وزهاء 25 ألف جريح.

يقدّر أن القاعدة دفعت حوالي 20 مليون دولار سنوياً لقاء حماية طالبان لها في السنوات التي سبقت أحداث 11 سبتمبر/ أيلول وجاءت هذه التقديرات في تقرير لوكالة الإستخبارات المركزية الأميركية عن أحداث 11 سبتمبر/ أيلول وكانت الوكالة قد أصدرته العام 2002 ونشرته علناً عام 2012.

بحسب التقرير نفسه، “لربما يقوم أعضاء التنظيم بدفع رشوة كبيرة للشرطة وللسلطات الحدودية ويتصرّفون بكرم بالغ مع المواطنين من خلال تأمين ملاذ لهم ومساعدتهم في السفر.

كما يقول التقرير إن القاعدة قد توقفت عن دفع تلك المبالغ لطالبان بحدود العام 2002. ومؤخراً، وقعت طالبان اتفاق سلام مع الولايات المتحدة الأميركية في شهر فبراير\ شباط من العام 2020 التزمت فيه بعدم ترك المتطرفين الإسلاميين بمن فيهم تنظيم القاعدة وداعش يدخلون أفغانستان.

إلّا أنّ سياسيين وخبراء كثر يجمعون على حد سواء على القول إنهم غير مقتنعين بأن طالبان ستفي بوعدها. وفي هذا السياق، قال وزيرا دفاع كل من الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة ليون بانيتا وبن والاس على التوالي في تصاريح علنية إنهم يعتقدون أن القاعدة ستعود حتماً.

في الواقع، في شهر يوليو\تموز الماضي صرح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن القاعدة تتواجد في ما لا يقل عن 15 ولاية في أفغانستان وذلك حتى قبل سيطرة طالبان على كافة أرجاء البلاد تقريباً.

“تتواجد القاعدة في ما لا يقل عن 15 ولاية أفغانية، خصوصاً في المناطق الشرقية والجنوبية والجنوب شرقية”.

في هذه الفترة، ازدادت ثروة طالبان بشكل هائل، خصوصاً من خلال حفاظها على علاقاتها الوطيدة بالقبائل والجماعات المختلفة التي تعيش في أفغانستان. وكذلك لطالما ارتبطت تاريخياً بتجّارة الأفيون في البلاد، ما أدّى إلى بروز تكنهات بأنّ القاعدة قد تكون مستفيدة من هذه التجارة بطريقة غير مباشرة.

وتعمل طالبان على إبعاد نفسها عن التنظيم بغية حصولها على قبول عالمي أكبر، إلّا أنّ صداقتها مع التنظيم الإرهابي أعمق بكثير لدرجة لا يمكن تجاهلها بالكامل.

في الواقع، لقد أشار خبراء إلى عدة أسباب تفسّر تعذّر الإنفصال الكامل بين طالبان والقاعدة. فمن جهة يشير بعضهم إلى التاريخ الحافل الذي يربط المقاتلون الأفغان والعرب خلال المقاومة ضد الاتحاد السوفياتي، ومن جهة أخرى يشير آخرون إلى وجود علاقات زواج بين بعض العائلات الطالبانية وأفراد من القاعدة.

إلّا أنّ أحد الأسباب الرئيسية هو أنّه يُنقل عن أحد المنظّرين المهمين في التنظيم عطية الله الليبي، أنّه أعلم أعضاء في القاعدة بأنّ طالبان تصرّح في العلن، أنّها تتنكر لأيّ علاقة مع التنظيم، وذلك من أجل إدارة الضغوط الدولية. وصرح أيضاً بأنّ قيادة القاعدة قد تفهّمت هذا الموقف.

وفي تصريح مكتوب، قال: “ترتكز السياسة التي تتبعها طالبان على تفادي الظهور إلى جانبنا، أو الإفصاح عن أيّ دعم أو اتفاق بيننا وبينهم، وذلك من أجل تفادي الضغوط الدولية والإقليمية، وآخذين بعين الإعتبار الديناميكية الإقليمية”.

بالإضافة إلى ذلك، ليس هناك من علامات واضحة تشير إلى أنّ طالبان تخطط لشنّ حملة على القاعدة، بالرغم من وجود عدد قليل من أفراد طالبان الذين يعارضون التنظيم، إلّا أنّ تأثيرهم السياسي على عملية اتخاذ القرار في الحركة لا يبدو كبيراً.

في الوقت الراهن، حتى لو كانت بعض البنود في اتفاق الدوحة تحدّد العلاقات بين طالبان والولايات المتحدة، من غير المرجح أن تقوم طالبان بطرد القاعدة من أفغانستان. ولا شك أنّ الجميع سواء الشعب الأفغاني أو الدول المجاورة أو الاسرة الدولية، يتعيّن عليه العمل على تفادي التعاون بين التنظيمين.