سوريون تم إغراؤهم للعمل في روسيا فوجدوا أنفسهم على جبهات القتال
في هذا التحقيق، نكشف لكم كيف وقع عدد من الشبان السوريين ضحية لعملية خداع واسعة، حيث تم إغراءهم بعقود عمل مغرية في روسيا ليجدوا أنفسهم في مواجهة الموت على جبهات القتال في أوكرانيا.
أخبار الآن | سوريا - 18 نوفمبر 2024
في لحظة كانا يطمحان فيها في حياة أفضل، وجد وحيد وبسام نفسيهما في جحيم لا يعرفان كيفية الخروج منه. الشبان السوريون الذين دفعهم الفقر وغياب الفرص إلى مغامرة البحث عن عمل في روسيا، اكتشفوا بعد فوات الأوان أنهم وقعوا في فخّ خطير؛ وعود برواتب مغرية وجنسية روسية كانت مجرد طُعم لتجنيدهم في حرب لا علاقة لهم بها. وعلى الرغم من آمالهم في حياة أفضل بعيدًا عن الحروب، انتهى بهما المطاف ميتين على جبهات القتال في أوكرانيا، ضحيتين لخداع وحيلة أودت بحياتهما في حرب لا يرغبان فيها.
تمكنا في أخبار الآن من الوصول إلى شهادات العديد من هؤلاء الضحايا، الذين وقعوا في فخ التجنيد الروسي، والذين ما زالوا في روسيا، ما يسلط الضوء على عملية خداع واسعة أودت بحياة الكثيرين.
الوعود المغرية: فرص وهمية وأثمان باهظة
"وقعت على عقد عمل بصفة حارس منشأة نفطية في روسيا براتب ٢٠٠٠ دولار شهرياً، لكنني تفاجأت بعد وصولي إلى الأراضي الروسية بيومين بإرسالي إلى الجبهة الروسية الأوكرانية."
منذ بداية الحرب بدأت القوات الروسية بالعمل على تجنيد شباب من سوريا لزجهم في حربها مع أوكرانيا ومن ضمن هؤلاء شباب من محافظة السويداء. قامت بفتح عدة مكاتب بالتعاون مع السلطات السورية في المدينة وريفها بشكل نظامي وغير نظامي:
المكتب النظامي يعلن عن رغبة الجيش الروسي فتح باب التطوع لكل شاب تحت سن الأربعين للتطوع في القوات الروسية برواتب وميزات كبيرة.
أما المكاتب الغير نظامية التي يرتبط أصحابها بعلاقة وطيدة مع النظام السوري والقوات الروسية كانت تطلب موظفين مدنيين للعمل في روسيا بصفة حراس منشآت نفطية وغيرها براتب يفوق ٢٠٠٠ دولار وميزات كبيرة كإقامة دائمة أو الحصول على جواز سفر روسي.
وهنا تكمن عملية الكذب والتدليس التي ارتكبها أصحاب هذه المكاتب بالتعاون مع النظام السوري وضباط من القوات الروسية لأن عمليات التجنيد تستهدف مدنيين وهو ما تؤكده الأوراق المطلوبة كإذن السفر الذي لا يعطى للعسكريين أبدا وأوراق رسمية أخرى تثبت الحالة المدنية.
شهادات ضحايا الخداع: من السفر للعمل إلى مواجهة الموت
تواصلت "أخبار الآن" مع الشاب السوري (م.ب) أحد ضحايا التجنيد الروسي، والمتواجد حالياً في روسيا الذي روى أنه وقع عقد عمل مع مكتب منسق مع الجانب الروسي للعمل كحارس في منشأة نفطية براتب مغرٍ، لكنه فوجئ بعد وصوله إلى روسيا بأنه تم تجنيده للقتال في الحرب الروسية الأوكرانية بدلاً من العمل المدني كما وُعد. وأضاف أنه تعرض للخداع من قبل الوسيط الذي وعدهم بفرص عمل جيدة.
قال: "وقعتُ عقد عمل مع أحد المكاتب التي تنسق مع الجانب الروسي، حيث تم عرض العمل كحارس منشأة نفطية في روسيا، وكان الراتب 2000 دولار شهريًا، على أن تكون تكاليف السفر والطعام والإقامة على حساب الحكومة الروسية. في البداية، بدا العرض مغريًا، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها في سوريا، حيث كان الحصول على عمل يكاد يكون مستحيلًا".
"لكن بعد وصولي إلى الأراضي الروسية، وبالتحديد بعد يومين من وصولي، فوجئت بأنني ورفاقي قد تم إرسالنا إلى جبهات القتال في الحرب الروسية الأوكرانية. عندما حاولنا الاستفسار من أحد الضباط، الذي كان يتحدث العربية بشكل ضعيف، أخبرنا بأن العقد الذي وقعناه هو عقد تجنيد عسكري، وليس كما قيل لنا من قبل إنه عقد عمل مدني".
"أما بالنسبة لي، فقد وقعت العقد بلغة أجنبية ولم أكن على دراية بما يحتويه، ولكن من كان يتعامل معنا، وهو المستقطب أو المندوب، أكد لنا أن العمل سيكون مدنيًا، ولم يذكر لنا شيئًا عن القتال أو التجنيد العسكري. المستقطب كان شخصًا يعمل كوسيط بيننا وبين الشركات الأمنية الروسية، وكان يعدنا بفرص عمل جيدة. كان ينسق لنا الأمور مع الأفرع الأمنية ويجعلنا نمرّ من خلال فحوصات أمنية قبل السفر، وكل ذلك كان جزءًا من عملية خداع، حيث لم يكن لنا أي علم بمضمون العقد الحقيقي".
"الواقع الذي عشته بعد وصولي كان صادماً. لم نكن مستعدين لما جرى، ولم يكن لدينا خيار آخر بعد أن ضاقت بنا سبل العيش في سوريا. كنا كالغريق الذي يتعلق بقشة، وكلنا أمل في تحسين وضعنا، لكن فوجئنا بأننا تم دفعنا إلى معركة لا نعرف عنها شيئًا".
"أرجو من الجميع أن يفهموا حقيقة ما جرى. نحن لا نبحث عن الحرب، نحن بشر، كنا نريد فقط أن نعيش بكرامة. ولكننا هنا، في مكان لا نعرف فيه مصيرنا، ونحن نطلب الرحمة والإنقاذ من الموت الذي يلاحقنا بلا رحمة. القوات الروسية أجبرتنا على المشاركة في هذه الحرب دون أن يكون لدينا أي خيار أو حتى تحذير مسبق."
وثائق حصرية تثبت خداع الشباب السوريين في روسيا
أخبار الآن حصلت على وثائق والعقود التي تثبت تورط ضحايا تجنيد سوريين في عملية خداع واسعة من قبل المكاتب التي تديرها القوات الروسية في سوريا. هذه الوثائق تشمل تفاصيل حجز التذاكر، استمارات شخصية، توجيهات عسكرية، وطلبات الالتحاق بالخدمة العسكرية التعاقدية، مما يعزز الادعاءات حول استخدام عقود العمل المزعومة كغطاء للتجنيد العسكري.
استمارة بيانات شخصية للجندي "م.ش" تتضمن تفاصيل مثل الاسم، تاريخ الميلاد، مكان الميلاد، الجنسية، الحالة الاجتماعية، المستوى التعليمي، الحالة الصحية، ومعلومات حول خدمته العسكرية السابقة. تحتوي الوثيقة على صورة شخصية، وتستخدم لتوثيق معلوماته الشخصية في السجلات العسكرية.
طلب رسمي مقدم من الجندي "م.ش" إلى رئيس نقطة الاختيار للخدمة العسكرية، يعرب فيه عن رغبته في الالتحاق بالخدمة العسكرية التعاقدية بشكل تطوعي لمدة سنة واحدة، ويشير إلى علمه بجميع التعليمات والقيود المتعلقة بالخدمة العسكرية. تحتوي الوثيقة على توقيع الجندي وتاريخ تقديم الطلب، وتستخدم لبدء عملية تسجيله للخدمة التعاقدية.
وثيقة حجز تذكرة طيران لجندي، تحتوي على تفاصيل الحجز مثل رقم التذكرة، تاريخ الحجز، تاريخ الإصدار، وتاريخ صلاحية التذكرة. تشمل أيضًا معلومات الرحلة مثل مكان المغادرة (مطار باسل الأسد)، ووجهة الوصول (مطار موسكو)، ومدة الرحلة، ورقم الرحلة، وتفاصيل الدرجة (الاقتصادية). الوثيقة تشير إلى أن الحجز مؤكد وتم دفع تكاليفه بالكامل
أمر صادر من نقطة الاختيار للخدمة العسكرية، يوجه الجندي "م.ش" للتوجه إلى موقع عسكري في بلاغوفيشينسك للقيام بهامه، ويشمل رقم الوثيقة وتاريخ إصدارها، ويشير إلى إصدار وثائق سفر عسكرية لتسهيل تنقله. يتضمن أيضًا توقيع رئيس نقطة الاختيار وختم رسمي، مما يضفي عليها طابعاً رسمياً
خديعة التجنيد: كيف وقع 45 شابًا سوريًا في فخ الحرب الأوكرانية
في حديث مع أخبار الآن وصف (م.ش) تجربته قائلاً إنه سافر إلى روسيا مع مجموعة من الشبان وروى تفاصيل ما حصل معه.
قال : "نحن كنا أول دفعة من السوريين الذين سافروا إلى روسيا للعمل كموظفين مدنيين، وكان الراتب الموعود 2000 دولار شهريًا. عند وصولنا إلى الأراضي الروسية، استقبلنا المستقطب السوري الذي تولى استخراج أوراقنا داخل المطار وأخذنا إلى الفندق. أخبرنا أن أوراق الجنسية جاهزة، وعند تقديمها ستقدم لنا الدولة سلفة مالية قدرها 5500 دولار، وهو ما تم الاتفاق عليه مسبقًا قبل سفرنا وكان لدينا علم بذلك. ولكن بعد استلامنا السلفة، أخذ منا المستقطب مبلغ 3500 دولار من كل شخص من مجموع 45 شخصًا، وقال إن هذا المبلغ هو لتغطية مصاريف الأوراق و السفر وتذاكر الطيران والإقامة إلى حين بدء العمل".
وقال م. ش عندما وصلوا إلى روسيا، وقعوا على عقود مع الروس لا يعرفون ماهيتها لجهلهم باللغة الروسية، ولثقتهم بالمترجم وأنّ المترجم كان يتقاضى عمولةً من كل شخص قدرها 320 ألف روبل أي ما يعادل 3500 دولار أمريكي عن كل شاب وصل إلى روسيا.
وأضاف (م.ش): "لقد وقعنا على أوراق باللغة الروسية، ومن ضمن هذه الأوراق كانت هناك وكالة خاصة. المندوب السوري قال لنا: 'بصموا هنا'، فبصمنا دون أن نعرف ما هي تلك الأوراق. اكتشفنا بعد شهرين من وصولنا إلى هناك أن تلك الأوراق كانت جزءًا من عملية تجنيدنا للقتال في الحرب الروسية الأوكرانية".
"المترجم كان يتقاضى عمولةً من كل شخص قدرها 320 ألف روبل أي ما يعادل 3500 دولار أمريكي عن كل شاب وصل إلى روسيا".
وأكد (م.ش) أن "لا يقل عن 45 شاباً سورياً وقعوا ضحية عملية احتيال مشابهة، حيث تم إغرائهم بعقود للعمل كحراس في مناجم أو منشآت نفطية ليتبين لاحقًا أنهم تم تجنيدهم للقتال. هؤلاء الشباب يستنجدون بعائلاتهم والمنظمات الدولية للعودة إلى سوريا و الهروب من جحيم الحرب". وأضاف أن "بعضهم لقي حتفه خلال مشاركته في المعارك في أوكرانيا، وكان من بينهم شاب من محافظة السويداء.
كيف ردت السفارة الروسية في سوريا على استفسارات "أخبار الآن" بشأن تجنيد الشبان السوريين؟
في محاولة للحصول على إجابات واضحة حول ما يُثار من تقارير حول تجنيد الشبان السوريين للقتال في الحرب الروسية الأوكرانية، تواصلت "أخبار الآن" مع السفارة الروسية في سوريا. ورغم التوقعات، كان الرد غير حاسم، حيث كان هناك تردد كبير في تقديم إجابات مباشرة حول القضية المثارة. الشخص الذي تواصلنا معه داخل السفارة الروسية نفى بشكل قاطع المعلومات التي تم تداولها بشأن تجنيد شبان سوريين عبر أساليب احتيالية. وفقاً لما ذكره، أكد أنه لا يوجد أي نوع من التجنيد غير القانوني أو الاحتيالي، وأعطى تفصيلات حول آلية التجنيد الرسمية.
وقال المصدر في السفارة:
- "لا يوجد أشخاص مدنيون تم سوقهم إلى جبهات القتال، والذين يعملون ضمن عقود عمل مدنية يواصلون مهامهم في إطار عقودهم المدنية المتفق عليها، دون أن يتم إشراكهم في العمليات العسكرية."
- وأضاف أن "أي مكاتب غير رسمية في سوريا لا تمت بصلة للعمل العسكري الروسي، وأن الحكومة السورية والضباط الروس يتعاملون مع مثل هذه المكاتب بسرعة وبصرامة. كما أن كافة المكاتب التي تعمل لصالح الجيش الروسي هي مكاتب مرخصة من قبل الحكومة السورية."
- وأكد مجددًا أنه "لا يتم تجنيد المدنيين في الحرب الروسية الأوكرانية. الأشخاص الذين يسافرون إلى روسيا للقتال هم إما جنود ذوي خبرة ميدانية أو أفراد من فصائل تابعة للحكومة السورية، يمتلكون التدريب والخبرة اللازمة للمشاركة في العمليات العسكرية."
استمرار غياب الوضوح في التصريحات الرسمية قد يزيد من الجدل حول هذا الموضوع في المستقبل، ويطرح تساؤلات حول حجم الخداع الروسي وتواطؤ النظام السوري في تجنيد الشبان السوريين للمشاركة في الحرب الأوكرانية
مأساة عائلتين: مقتل وحيد وبسام على جبهات القتال نتيجة خديعة البحث عن حياة أفضل.
شهادات مأساوية لعائلتي الشبلي وسعيد تكشف عن مقتل شابين سوريين على جبهات القتال في أوكرانيا، بعدما وقعوا ضحية لخداع شبكات السمسرة التي وعدتهم بفرص عمل في روسيا، ليجدوا أنفسهم في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
وحيد مرسل الشبلي، المنحدر من بلدة عريقة في ريف السويداء الغربي، وصل عن طريق أصدقائه في روسيا نبأ مقتله إلى عائلته، حيث كان يقاتل بصفوف الجيش الروسي، على أحد جبهات القتال في منطقة لوغانسك داخل الأراضي الأوكرانية وقتل من فترة خلال وجوده هناك.
أخبار الآن تواصلت مع والد الشبلي الذي تحدث عن مقتل ابنه في أوكرانيا بعد أن تعرض لعملية خداع من شبكات سماسرة، مؤكداً أن وحيد لم يرغب في القتال ولكنه فوجئ بزجه في الحرب ولفت إلى عدم حصولهم على أي تعويضات من السلطات الروسية بعد وفاته.
قال: "قد ذهب ابني في مهمة ولم يعد منها، حيث وصل ضابط روسي يحمل جهاز إشارة للفقيد وحيد، وأخبر أصدقائه أن صاحب هذا الجهاز أصيب وفارق الحياة على خط الجبهة".
"استفسر رفاقه من جنود كانوا مع وحيد على نفس الخط، وأطلعوهم على صور له، وأكدوا لهم جميعاً أنهم شاهدوه مصاباً على جانب الطريق، ولم يتمكنوا من الوصول إليه واسعافه. وفي الحرب الضارية هناك، نادراً ما يتم إسعاف المصابين من جبهات القتال".
"وحيد، كان من ضمن مجموعة مؤلفة من عشرة شبان من محافظة السويداء جنوب سوريا، تعرضوا لعملية خداع مركبة عبر شبكات سماسرة في سوريا وروسيا، استغلت ظروفهم المعيشية القاهرة، وزجت بهم في الحرب المستعرة في أوكرانيا".
وأضاف والد وحيد: "حاول وحيد البحث عن حلول لفسخ عقده مع الجيش الروسي، وأكد أنه لم يكن يرغب أبداً بالقتال في أوكرانيا، وأنه تعرض لعملية خداع من شبكات السماسرة. وكان في مناسبات عديدة يؤكد أنه مع رفاقه تفاجئوا وتم زجهم في الحرب، وطالبوا بالعودة إلى سوريا. وتحركت مرجعيات عديدة في السويداء في محاولة لاستعادة الشبان العالقين في أوكرانيا، من خلال مخاطبة السلطات الروسية، دون الوصول إلى نتيجة حتى اليوم".
وأكد والد وحيد بأنهم ذهبوا إلى دمشق بعد وفاة وحيد لمقابلة السفير الروسي لتأمين راتب لإبنته الصغيرة، وقال: "من دون جدوى ودون أي وعد، كان كل كلامه تسويف، أي سوف نعمل على إعطائه راتب وسوف نبحث هذا الأمر وسوف وسوف، وفي النهاية خرجنا دون أي تعويض، وبعد مقتل وحيد بعدة أيام وصل خبر مقتل الشاب بسام سعيد المنحدر من قرية السهوة جنوبي السويداء وهو أب لطفلين وكان لأخبار الآن حديث مع ذويه".
قال أحد أقرباء القتيل:"سافر بسام إلى روسيا بكل بساطة لأنه لا يرى أي فرص لاستمرار العيش في سوريا في ظل ارتفاع نسب البطالة وانهيار الاقتصاد، وأنه فضّل تجريب حظه في أوكرانيا ولكن الحظ لم يسعفه وقتل في جبهات القتال الأمامية وبأنه وقع عقد مع القوات الروسية مدته ستة أشهر للقتال في أوكرانيا بصفة مقاتل براتب ٢٦٠٠ دولار ولم يعد من مهمته وقتل هناك".
هل يستهدف النظام والروس شباب السويداء بشكل غير متناسب وعمداً؟
أوضح ناصر عزام، عضو بالهيئة العامة لحراك سويداء في حديثه لأخبار الآن أنّ النظام لا يمانع في تركيز هذه الضغوط على شباب السويداء تحديدًا، لأنه يرى في ذلك وسيلة لتقليص تأثيرهم الاجتماعي والسياسي قائلاً: "التركيز على شباب السويداء لا يقتصر فقط على الأبعاد العسكرية، بل يرتبط إلى حد كبير بالظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها المنطقة. كما ذكرتم، هناك نسبة كبيرة من الشباب الممتنع عن الالتحاق بالخدمة العسكرية في السويداء، وهذا يمكن أن يُفهم كجزء من سياسة أوسع لتقليص أعداد الشباب في المنطقة، سواء بشكل مباشر عبر الخدمة العسكرية أو من خلال الضغوط الاقتصادية التي تدفعهم إلى الهجرة أو الانضمام للقتال".
وتابع: "من جانب آخر، إذا نظرنا إلى الموقف بشكل أوسع، قد يكون هناك من يعتقد أن النظام لا يمانع في تركيز هذه الضغوط على شباب السويداء تحديدًا، لأنه يرى في ذلك وسيلة لتقليص تأثيرهم الاجتماعي والسياسي. قد يشتبه البعض أن النظام يسمح لهذا الوضع بالاستمرار بهدف إضعاف النسيج الاجتماعي في المجتمع الدرزي، خصوصًا في ظل الغياب التام للفرص الاقتصادية والعسكرية التي تدفع الشباب إلى المقاومة أو الاعتراض".
"لا يمكننا الجزم بتفاصيل دقيقة حول النوايا أو السياسات الدقيقة للنظام أو الروس، لكن من المؤكد أن هناك تراجعًا في فرص العمل والتعليم، مما يجعل الشباب في السويداء عرضة للمزيد من الضغوط الاقتصادية والعسكرية. بالنسبة لقادة المجتمع الدرزي، قد تكون لديهم بعض المخاوف من أن يكون هذا الاستهداف الموجه هو جزء من خطة لتقليص تأثير الشباب في المنطقة، بما يؤثر في تماسك المجتمع الدرزي بشكل عام."
بناءً على هذه المعطيات، لا يمكن استبعاد وجود استراتيجية معينة من قبل النظام لفرض ضغوط اقتصادية وعسكرية على شباب السويداء، مما يساهم في إضعاف نسيج المجتمع الدرزي على المدى الطويل. ويفتح هذا النقاش الباب أمام تساؤلات حول دور قادة المجتمع الدرزي في مواجهة هذه السياسات وسبل حماية شبابهم من التحديات المستقبلية.
شبان سوريا الذين دفعهم الفقر والبطالة إلى مغامرة البحث عن حياة أفضل في روسيا، وقعوا في فخّ خداع لا نهاية له. الوعود بالرواتب العالية والجنسية الروسية كانت مجرد طُعم لجذبهم إلى جبهات القتال في أوكرانيا، حيث وجدوا أنفسهم في مواجهة الموت بشكل مفاجئ. شهادات "أخبار الآن" تكشف حقيقة مأساوية عن الحرب في أوكرانيا، وعن الخديعة التي يتعرض لها الشباب السوريون الذين أصبحوا وقوداً لحرب لا علاقة لهم بها.