ليلة الطبيب المرعبة
أوامر بانتزاع أعضاء من سجناء وهم على قيد الحياة
أخبار الآن | دبي - 5 فبراير 2024
أوامر صارمة صدرت له بضرورة انتزاع الكبد والكليتين من سجين بينما كان حيّاً! حينها ظنّ أنّه يقوم بواجب وطني ولكن بعد مرور سنون عديدة، أدرك أنّه شارك في عملية قتل، إذ بات ينعت نفسه بالقاتل.
ذلك ملخص قصة الطبيب أنور توختي (Enver Tohti)، الذي يعتبر أحد أهم شهود العيان على جرائم الحزب الشيوعي الصيني المتعلقة بحصاد الأعضاء من أجساد المعتقلين الإيغور وغيرهم من الأقليات داخل السجون الصينية.
في تقريرنا هذا نروي قصة هذا الطبيب الذي عمل في مستشفى شينجيانغ، وهو تحدّث بلسانه لـ“أخبار الآن” عن تفاصيل واقعة مرعبة مرّ عليها قرابة الـ 30 عاماً.
يقول توختي: "إنّها حادثة حصلت العام 1995 عندما استدعاني رئيس الجرّاحين من أجل التحضير لإجراء عملية جراحية ميدانياً، أي خارج المستشفى... آنذاك أحضّرت كلّ ما طلبه، وقال لي إنّه ينتظرني غداً صباحاً عند الساعة 09:30 في مستشفى كايت".
يتابع: "بالفعل جئت في الموعد وانتظرته. كان هناك رئيسان للجراحين، وقد أتيا بسيّارة واحدة وطلبا منّا أن نتبعهما - كانت مجموعتنا تتألف من ممرضتين ومساعدين وسائق - لحقنا بهما ووصلنا إلى مكان يدعى ويسترن ماونتن اكسكيرشن غراوند.
هناك قال لنا رئيس الجراحين انتظروا هنا، واقتربوا فقط عندما تسمعون صوت إطلاق الرصاص! انتظرنا لبعض الوقت، ثمّ بدأنا نسمع الأصوات القادمة من جهة مقابلة للتلة، بعدها سمعنا صوت الطلقات النارية، ولم يكن صوت رشاش بل صوت عدّة بنادق تطلق النار في وقت واحد”.
يضيف: "هرعنا إلى المكان ورأينا على الجانب الأيسر لمنحدر الجبل، 10 أو 20 حثة بلباس السجناء، وكانت رؤوسهم حليقة. في العادة الفريق الطبي لا يخاف من الجثث، لكن تلك المرّة كان هناك ضبّاط من الشرطة يصرخون علينا... كان الوضع مضطراً بعض الشيء، وأحد الجراحين اصطحبني جانباً وشرح لي ما الذي يحدث".
أوامر سريعة صدرت في لحظات معدودة للطبيب بانتزاع الكبد والكليتين من سجين كان قد أطلق عليه الرصاص للتو، وأثناء انصياعه للأوامر كانت المفاجأة: "قالوا لي إنتزع بسرعة الكبد والكليتين، وحينها فهمت سبب وجودنا هنا.
فأزلت الكبد والكليتين لكنّه كان ينزف، وذلك يعني أنّ القلب كان لا يزال يضخ الدم، وذلك يعني أنّه الشخص مازال على قيد الحياة".
بعد ذلك أخذ رئيسا الجراحين الأعضاء وغادرا، لكن قبل أن يغادرا قالا لي تذكر أنّ اليوم لم يحصل شيء، وقد فهمت قصدهما. ومنذ ذلك اليوم لم يتحدث أيّ منّا عن ذلك الموضوع… حينها لم أكن أعلم أنّ تجارة الأعضاء منتشرة في الصين، لكن لاحقاً العام 2009 عندما كنت في المملكة المتحدة شاهدت الأخبار والتقارير وعرفت عن تجارة الأعضاء، وأدركت أنّني شاركت في ذلك".
تجدر الإشارة إلى أنّ فريق أخبار الآن الإستقصائي كان أجرى تحقيقاً إستقصائياً هو الأوّل من نوعه، وثق فيه قرابة 11 شهادة تفضح جرائم الحزب الشيوعي الصيني بشأن عمليات انتزاع الأعضاء قسراً من مسلمي الإيغور وممارسي شعائر الفالون غونج في المعتقلات الصينية .
تدّعي الصين رسمياً إجراء 10,000 عملية زرع كلّ عام. ومع ذلك، تمّ تجاوز ذلك الرقم من قبل عدد قليل من المستشفيات. وبناءً على متطلبات السعة الدُنيا التي تفرضها الحكومة لمراكز زرع الأعضاء، كان من الممكن أن تجري مستشفيات زرع الأعضاء المعتمدة البالغ عددها 169 مستشفى 60,000 إلى 100,000 عملية زرع سنوياً، وقد وصلت السعة الإجمالية منذ العام 2000 إلى مليون عملية زرع.
وقد وجد المحققون في محكمة الصين الشعبية، والتي تشكلت مُستقلة العام 2020 للتحقيق في ذلك الأمر، أنّ أكثر من 1,000 مستشفى زرع تقدّمت للحصول على تصاريح من وزارة الصحة العام 2007 لمواصلة العمل.
ويشير ذلك إلى أنّ تلك المستشفيات استوفت أيضاً الحد الأدنى من متطلّبات الوزارة الخاصة بسعة مراكز الزرع، فيما يستمر الكثير منهم في إجراء عمليات زرع على الرغم من عدم حصولهم على شهادة معتمدة.
كما أشارت بعض التقارير الدولية إلى أنّ أعضاء مسلمي الإيغور تعتبر الأعلى سعراً لأنّه يتمّ تسويقها تحت مسمى "أعضاء حلال"، ويصل سعر الكبد مثلاً من شخص إيغوري إلى 300 ألف دولار، وهو ما يعادل ضعف متوسط السعر العادي.