حرب غزة وجهاد طروادة: أداة إيران الجديدة لاستهداف أمن الأردن واستقراره
أخبار الآن | عدن - 30 مارس 2024
في يوم 28 من مارس 2024، نشرت كتائب القسام فيديو لـ محمد الضيف - قائد هيئة أركان كتائب القسام، ينادي فيه المواطنين في كل من الأردن ومصر ولبنان وجموع الوطن العربي والعالم الإسلامي للزحف نحو فلسطين، كما جاء في الفيديو، وقال فيه "ابدؤوا بالزحف الآن وليس غدًا نحو فلسطين ولا تجعلوا قيودًا ولا حدودًا ولا أنظمة تحرمكم شرف المشاركة في تحرير المسجد الأقصى"، وهو ما أثار جدلاً واسعًا على التواصل الإجتماعي، خصوصًا بعد ظهور صورًا لقيادات حماس في طهران، أثناء لقائهم مع المرشد علي خامنئي، والذين رأوا أن إثارة الشارع العربي في هذا التوقيت هدفه زعزعة الأمن لصالح مشروع إيران.
فبحسب رواد مواقع التواصل الإجتماعي، ففي يوم 27 مارس 2024 حصلت عدة اعتداءات على الشرطة والدرك من قبل بعض المتظاهرين، وهي سابقة لم تحدث في كل المظاهرات والاحتجاجات الشعبية التي خرجت للتضامن مع غزة منذ أكتوبر المنصرم، ورأى البعض أنه على الرغم من أن الإحتجاجات هدفها أسمى لأنها تنادي بوقف الحرب علي قطاع غزة، إلا أن أفرادا غير مسؤولين استغلوا ذلك الاحتشاد الجماهيري الإضرار بالممتلكات العامة بحسب تغريدات على مواقع التواصل الإجتماعي.
إيران.. عين على الأردن!
في فجر يوم 12 مارس من العام الجاري، أعلنت القوات المسلحة الأردنية عن العثور على حطام طائرة مسيرة في محافظة إربد شمال المملكة، وذلك بعد أن سُمع دوي أنفجار في المنطقة، حسب بلاغ من المواطنين القريبين من المنطقة، وكما ورد في البيان بأنه لا توجد أي إصابات أو أضرار، بينما أعلن الناطق الرسمي باسم مديرية الأمن أنه تم فتح تحقيق لتحديد مصدر المُسيرة وملابسات الحادثة.
أعادت حادثة اختراق الطائرات المسيرة للأجواء الأردنية، الحديث عن التهديدات الأمنية التي تترقب الأردن، ففي فجر يوم 29 يناير من العام الحالي، استهدفت طائرة مسيرة إيرانيه الصنع البرج 22 لقاعدة عسكرية تابعة للولايات المتحدة على الحدود الشمالية الشرقية للأردن، أدى ذلك الاستهداف إلى مقتل 3 جنود أمريكيين وجرح نحو 40 آخرين بحسب وزارة الدفاع الأمريكية، في حين تبنت الهجوم "المقاومة الإسلاميّة في العراق" التي تضمّ فصائل عدّة موالية لإيران، إلا أن طهران نفت أن يكون لها أي صلة بالاستهداف.
إبان ثورات الربيع العربي، استغلت الجماعات الإرهابية والتنظيمات المتطرفة التفكك والتدمير الذي طال الأجهزة الأمنية والعسكرية في دول المنطقة العربية، فقد شهدت منطقة الشرق الأوسط عدد من العمليات الإرهابية، حيث تشكلت جماعات مسلحة في كل من سوريا واليمن والعراق، تحمل أيديولوجيات دينية متطرفة، كان للنظام الايراني يد في دعمها وتمويلها.
بالرغم من أن الربيع العربي لم يصل إلى المملكة الأردنية الهاشمية بشكل مباشر، إلا أنها كانت الأكثر تضررًا من التداعيات التي رافقت تلك الثورات في المنطقة، تمثلت في النزوح السوري إلى الحدود والأراضي الأردنية، وتنامي تجارة المخدرات التي يقوم بها ويشرف عليها النظام السوري ومن خلفه الحرس الثوري الإيراني، بالإضافة إلى الصراعات الطائفية في الحدود الشرقية في العراق، وكذلك الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من جهة الغرب، كل هذا جعل من الأردن هدفًا قادمًا لإيران التي لطالما يقوم مشروعها التوسعي من خلال الاستثمار في الأزمات الداخلية، خصوصًا وأنها ترى بأن الأردن من الحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة.
مساعي إيرانية تاريخية لإسقاط الأردن
في 15 من أكتوبر عام 1981، على أعقاب نجاح ثورة الخميني في إيران، أعلن المرشد الأعلى عن وجوب تصدير الثورة الإيرانية إلى العالم المسلم وقال أثناء إعدام 20 معارض سياسي حينها "إن على إيران أن تعمل بجد أكبر لتعزيز صورتها في الخارج حتى تتمكن من تصدير الثورة، لقد اقتربنا من الصفر في دعايتنا في الخارج، يجب أن نقوم بزيارات غير رسمية إلى جانب الزيارات الرسمية، إذا أردنا تصدير هذه الثورة، فيجب علينا أن نفعل شيئًا حتى يتمكن الناس أنفسهم من تولي الحكومة بأيديهم، حتى يتمكن الناس من ما يسمى بالطبقة الثالثة من الوصول إلى السلطة"، وهو ما تنتهجه إيران في سياستها الخارجية منذ ذلك الحين، فقد نجحت في تصديرها إلى كل من العراق ولبنان وسوريًا ومؤخرًا إلى اليمن، وكانت الأردن جزء من الأطماع الإيرانية حتى تكتمل السيطرة على الشام وإنشاء ما يُسمى (بالهلال الشيعي).
يقول عامر السبايلة - المحلل السياسي والاستراتيجي لـ أخبار الآن " بلا شك يعمل النظام الإيراني طيلة السنوات الماضية على خلق كيانات موازية بالنسبة له في عدة مناطق في الوطن العربي، ويحاول كذلك في الأردن، ومنذ بدء الأزمة السورية تحولت الحدود الجغرافية الأردنية لنقطة استهداف مباشر سواء كان ذلك في عملية المخدرات ودعمها، أو بمحاولات تهريب السلاح وإيجاد خلايا في الداخل للاعتماد عليها".
وهو ما يؤكده بسام العموش - السفير الأردني السابق لدى ايران، والذي يقول بأنه كان هناك محاولات لإحداث اختراقات أمنية من قبل إيران في الأردن، ومحاولات لزرع خلايا تابعة لها منذ تسعينات القرن الماضي، وذلك من خلال السياحة الدينية، "طلبت إيران من الأردن السماح بزيارة أضرحة في الجنوب، وقدمت الكثير من الإغراءات من بينها عمل مشاريع تنموية ومطارات، واستقدام عمالة إيرانية إلى المملكة، إلا أن الديوان الملكي الأردني والمخابرات العامة كانت تدرك بأن ذلك سيكون ثغرة لتدفق الحرس الثوري الإيراني".
بسام العموش - سفير اردني سابق لدى ايران
بسام العموش - سفير اردني سابق لدى ايران
تأريخيًا يعود الصراع الأردني الإيراني إلى الأيام الأولى من ثورة الخوميني في إيران، وذلك بسبب تعاطف الملك حسين مع شاه إيران، وقطعت إيران علاقاتها الدبلوماسية مع الأردن منذ ذلك الحين، إلا أنه تم استئناف العمل الدبلوماسي عام 1991، والجدير بالذكر أن العلاقات الإيرانية الأردنية بدأت تتحسن منذ تسلم الرئيس الإيراني محمد خاتمي مقاليد الحكم في إيران عام 1997، ولكنها عادت للتوتر منذ اندلاع الحرب السورية.
خلال فترة حرب الخليج الأولى، تبنى الأردن بقيادة الملك حسين سياسة داعمة للعراق وللرئيس صدام حسين. فقد أعلن الأردن بوضوح دعمه للعراق وتضامنه معه في هذه الفترة الحرجة، ما أدى إلى تعزيز العلاقات السياسية والدبلوماسية بين البلدين، بالنسبة للملك حسين كان هذا الدعم جزءًا من استراتيجيته لتعزيز استقرار المنطقة وموازنة القوى فيها، مع اعتبار صدام حسين شريكًا استراتيجيًا، ومع ذلك، أثار هذا الدعم حساسية إيران، التي رأت فيه تحالفًا يستهدفها وتدخلًا في شؤونها الإقليمية، ونتيجة لذلك، شهدت العلاقات بين الأردن وإيران توترات متزايدة، مما أدى إلى تدهورها خلال تلك الفترة.
في 22 مارس 2015 نشرت العديد من وسائل الإعلام العربية والدولية تصريح لقاسم سليماني، يوضح فيه أطماع إيران في الأردن، فقد جاء في التصريح قوله بأن إيران تتحكم في كلٍ من العراق وسوريا ولبنان، وقال:"إيران بإمكانها التحكم فيها لتوجهها نحو العدو (الاسرائيلي)، وأن هذه الإمكانية متوافرة في الأردن" إلا أن السفارة الإيرانية في عمان نفت التصريح في اليوم التالي.
إلا أنه بعد أيام فقط من ذلك التصريح, وتحديدا في 3 أبريل 2015 أعلنت الأجهزة الأمنية الأردنية القبض على جاسوس يعمل لصالح إيران في الأردن، حيث كان مكلفاً بتنفيذ تفجيرات ضخمة وإنشاء خلايا نائمة، تم تجنيده بواسطة الحرس الثوري الإيراني، وكان مخطط لتنفيذ تفجير كبير باستخدام 45 كيلوغراماً من المتفجرات، وبحسب التحقيقات فأن الشخص هو خالد كاظم جاسم الربيعي، والذي تم الحكم عليه من قبل محكمة أمن الدولة بالسجن والأشغال الشاقة لمدة 15 عام.
إستغلال حرب غزة
خلال الحرب الحالية في قطاع غزة بين إسرائيل والفصائل المسلحة الفلسطينية، نشطت عمليات تهريب المخدرات وأسلحة نوعية إلى الأردن عبر الحدود السورية، بحسب السلطات الأردنية فأن عمليات تهريب المخدرات عادة ما تزيد بشكل ملحوظ في فصل الشتاء، وذلك لأسباب تتعلق باستغلال المهربين لحالات الطقس، وانعدام الرؤية، إلا أن هذه المرة كان الأمر مختلفًا، فهي المرة الأولى التي تقوم فيها الأردن بقصف داخل الأراضي السورية، تقول بأنها تستهدف أوكار لعصابات تهريب المخدرات.
وقال الإعلام العسكري في المملكة "نحن شاهدنا العديد من فصول الشتاء كان هناك زيادة طبيعية في التهريب، ولكن ما نواجهه هذا العام من زيادة تختلف تمامًا، وهناك إصرار على التهريب ليس المخدرات فحسب بل تهريب اسلحة، والهدف هو بناء حواضن في للتهريب في الأردن، وبناء على التحقيق مع المقبوض عليهم، وصلنا إلى بعض أعوانهم في الداخل الأردني".
في وقت سابق صرح مصطفى الحياري - مدير الإعلام العسكري الأردني في أواخر يناير الماضي بالقول "نحن على الحدود الشماليه للمملكه الأردنية الهاشميه نواجه عمل إجرامي منظم لتهريب المخدرات بكميات كبيرة، استطعنا إحباط تهريب 627,000 حبة كبتاجون وأيضا 3400 كف حشيش خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، نرى أن هناك إصرار على تهريب المخدرات الى الداخل الأردني، بالرغم من الخسارة المالية الكبيرة للمهربين والأفراد".
يقول مهدي الشوابكة - رئيس قطاع شباب حزب الغد الأردني لـ أخبار الآن "ما يجري من محاولات تهريب وتسلل مجموعات مسلحة بأعداد كبيرة، تتعدى عمليات تهريب المخدرات وهو تهديد واستهداف للأمن الوطني الأردني و عدوان عسكري وأمني، وليس فقط حرب مخدرات، هدفها استنزاف للأردن وزعزعة استقرار، يدرك الأردن كل أهداف هذا الاستنزاف وهذا العدوان، ويعلم أهدافه السياسية التي تسعى لها المليشيات الطائفية ومن خلفها، ولكن الجيش العربي لهم بالمرصاد و سيدفعون الثمن، الأردن يعتبر هدف لإيران منذ زمن لإكمال ما يسمى بالهلال الشيعي والبدر الشيعي أو المد الشيعي وهذا الوقت يعتبر مناسب لهم للذهاب إلى الحدود الأردنية والمناداة بتحرير فلسطين وهم لديهم حدود مشتركة أخرى مع فلسطين وأقرب ولكن يريدون الدخول إلى الأردن بمظلة المناداة بفلسطين"
كميات كبيرة من حبوب الكبتاجون المخدرة التي تمت احباط تهريبها إلى الأردن
يشرح الحياري بالقول: إن أسلوب التهريب هذه المرة مختلف عن سابقاتها "هناك جهات تُدير عمليات التهريب بشكل منظم والدليل على ذلك أسلوب عمل هذه العصابات، ففي كل محاولة على واجهة الحدود الشمالية للمملكة الأردنية الهاشمية تشغل أكبر عدد ممكن من القوات المسلحة بقصد إرهاقها، و تتحين الفرصة لإيجاد ثغرة، وعندما لا تستطيع الحصول على هذه الثغرة فإنها تلجأ لاستخدام السلاح وعندما تفشل تلجا إلى استخدام وسائل أخرى مثل الطائرات المسيرة".
ويضيف "ما كشفت عنه التحقيقات مع المقبوض عليهم أنهم تلقوا تدريبا عسكريا, ويتعلق هذا التدريب بإدخال المخدرات وكيفية الاشتباك مع عناصر حرس الحدود، لكن بالنهاية هو تدريب عسكري وعمل منظم من وراءه أجندات خارجية، لا يمكن أن يكون العمل منظم بهذه الطريقه فقط لأن هناك جماعات مسلحة وخلف الجماعات المسلحة هناك أجندات، بالنهاية تقع المسؤولية على الحكومة السورية تواصلنا معهم في أكثر من مرة لكن للأسف هذا التواصل لم يأتي بثمار, وبالتالي نحن نمنع كافة أشكال التهريب وبالقوة" في إشارة إلى ضلوع الحرس الثوري الإيراني في تدريب هذه العصابات.
ويستطرد الحياري قائلاً "اعتدنا على تهريب أسلحة لغايات استخدام المهربين لكن ما واجهنا هذه السنة تهريب أسلحة نوعية مثل صواريخ الأر بي جي و قاذفات الصواريخ (rocket launchers) هدف هذه الأسلحة هو مواجهة قوات حرس الحدود والأجهزة الأمنية والقوات المسلحة بشكل عام كل ذلك من أجل إضعاف هذه الأجهزة وإضعاف الدولة الأردنية، وهذا لن يحدث بإذن الله، نقول أننا سنستخدم القوة لمنع التهديد عن الأمن الوطني الأردني كيفما دعت الحاجة, وهذا يعني بأن استخدام كافة الوسائل المتاحة هو مسخر لمرتبات حرس الحدود والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية للتعامل مع هذا التهديد".
في الوقت الذي يخوض فيه الجيش العربي الأردني صراع محتدم مع عصابات التهريب على الحدود السورية، دعت الفصائل المسلحة العراقية إلى الاحتشاد الجماهيري على الحدود العراقية الأردنية، فقد وجه مقتدى الصدر - زعيم التيار الصدري في العراق في 3 نوفمبر 2023 دعوته إلى الدول العربية المجاورة لفلسطين (الأردن وسوريا ولبنان) للسماح لأنصاره بالمرور من أراضيهم والتظاهر على الحدود الفلسطينية بحسب قوله.
وفي ذات التوقيت كانت تسقط صواريخ جماعة الحوثي في المحافظات الجنوبية للأردن، حيث سقط عدد من صواريخ قدس 4 المجنحة التي أطلقها الحوثيين في محافظة معان الأردنية، حيث قال الحوثيون أن صواريخهم أطلقت باتجاه إسرائيل وأصابت أهدافها بدقة كما جاء في بيان الناطق العسكري باسم جماعة الحوثي، وهو ما يدل على أن هناك مخطط تعمل عليه إيران مع مليشياتها في المنطقة يستهدف الأردن وليس إسرائيل.
بعض صور الأسلحة النوعية التي جرى تهريبها إلى الأردن أواخر عام 2023
مخدرات و أسلحة نوعية جرى تهريبها مؤخرًا إلى الأردن من سوريا
جهاد طروادة و الأردن!
الجدير بالذكر أنه في 23 من نوفمبر الماضي، دعا أبو عبيدة الناطق الرسمي بأسم كتائب القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) الشعب الأردني بشكل خاص لتصعيد ما أسماه الحراك الشعبي المُقاوم كما جاء في البيان "وندعو إخواننا في الأردن خاصة إلى تصعيد كل أشكال العمل الشعبي والجماهيري والمقاوم فأنتم يا أهلنا في الأردن كابوس الاحتلال الذي يخشى تحركه ويتمنى ويعمل ويجهد إلى تحييده وعزله عن قضيته" وهو ما يراه البعض بأنها دعوة في غير وقتها خصوصًا في ظل التوترات على الحدود الشمالية والشرقية للمملكة.
يشرح الدكتور نبيل العتوم - الباحث في الشأن الإيراني، استراتيجيات إيران في التوسع في المنطقة العربية بالقول: إن إيران تعتمد ما أسماها (استراتيجية الدولة الوطنية) وهي فكرة أساسية تقول بأن إيران هي أم قرى العالم الإسلامي، والتي ينبغي أنها دولة القلب المذهبية، ويتم حمايتها بمصدات، المصد الأول هو العراق, المصد الثاني الأقليات الشيعية, و المصد الثالث هي الحركات الاسلاميه السنيه (حماس والجهاد الإسلامي), والذين يطلقون عليهم (المؤلفة قلوبهم), أي الذين يمكن أن نؤلف قلوبهم مستقبلا للدفاع عن المجال الحيوي الإيراني.
ويقول العتوم لـ أخبار الآن "الأردن أيضا في هذا ستكون خاسرة بحكم تماسها مع الأزمات الإقليمية، خاصة التي يتواجد فيها النفوذ الإيراني المتعاظم في الحدود الأردنية خصوصًا العراق وسوريا، وتقوم إيران بتطوير عمليات استهدافها للمملكة من ضمنها تهريب الأسلحة والمخدرات، حاليًا يتم تهريب نحو 3000 نوع من الذخيرة إلى الأردن بالإضافة إلى المخدرات، فالأردن حاليًا يواجه حرب وبشكل أشرس لضمان عدم إحداث اختراق إيراني.
من جهته يرى حسن أبو هنية - الباحث في شؤون الجماعات الجهادية من جهته يرى حسن أبو هنية - الباحث في شؤون الجماعات الجهادية بأنه تسببت الأحداث الجارية في غزة في ارتفاع نسبة المؤيدين لإيران، مع العلم بأن التأييد هو سياسي وليس عقائدي (التشيع السياسي)، ومنذ 1979 لم تنجح ايران في تحويل الناس للتشيع بالرغم من محاولاتها، ويأتي التأييد في المجتمع الأردني والعربي لإيران بسبب ما يجري في المنطقة مع تصاعد الغضب الشعبي تجاه اسرائيل وأمريكا، وموقف إيران من الولايات المتحدة واسرائيل، يجعلها تكسب بعض التأييد السياسي، خصوصًا بعد السابع من أكتوبر وعملية طوفان الأقصى، وبالتأكيد ما يحدث من إبادة من قبل إسرائيل في غزة، والتي ترافقت مع مواقف عربية هزيلة تجاه دعم غزة، بينما في المقابل مشاركة ما يُسمي بـ(محور المقاومة) التي تقوده إيران في الحرب، حتى ولو كانت ليس بالقدر المطلوب بحسب الأردنيين.
يشير أبو هنية إلى عدم وجود أقليات أو مكونات مجتمعية شيعية في الأردن، والتي بالعادة ما ترتكز عليها إيران في عمليتها للتوسع كما حصل في العراق واليمن وسوريا ولبنان، حاول الإيرانيين على مدى سنوات التغلغل في الأردن من خلال السياحة الدينية وما يُسمى الأضرحة في الجنوب وغيرها إلا أنهم لم يستطيعوا، لهذا بدأ فيلق القدس (الجناح الخارجي للحرس الثوري الإيراني) في عمليات تهريب المخدرات والأسلحة عبر الأردن، ومحاولة تهريب الأسلحة للمقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، وكانت هناك قضايا منظورة في المحاكم على خلفية الانتماء لـ حماس وتهريب أسلحة للضفة الغربية، وهذه لم تنقطع تأريخيًا.
وينوه إلى أن إيران من الممكن أن تستخدم استراتيجة (جهاد طروادة) في الأردن قائلاً "إلا أنها من الممكن أن ترتكز على بعض المجموعات السنية التي هي على علاقة بالإخوان أو مجموعات أخرى، وبالتالي يبقى الخطر ماثل إذا لم يتم عمل معالجات لبعض المشاكل وخصوصًا المتعلقة بالقضية الفلسطينية بشكل أساسي، والأردن هي المرتكز لأنها هامة بالنسبة لمشروع إيران في بلاد الشام، ومع هذا الوضع قد يكون الأردن أحد الأهداف بالنسبة لها".
ويضيف لـ أخبار الآن "كسب الإيرانيين والشيعة والجماعات التابعة لإيران في المنطقة (الحوثيين، المقاومة الإسلامية في العراق، وحزب الله) نوع من التأييد، وكذلك إيران ترى بأن عمّان في علاقة استراتيجية مع الولايات المتحدة، وكذلك مع اسرائيل وذلك من خلال اتفاق السلام ووادي عربة، وما حدث من قصف البرج 22 شمال شرق الأردن يعتبر تطور خطير، وهذا يشير إلى تحول في نظرة إيران ومليشياتها للأردن على اعتبار أنها حليفة لأعداء إيران".
حرب إعلامية لمحور المقاومة تستهدف المملكة
على الرغم من قرار الأردن بسحب سفيرها من إسرائيل وإصدار توجيه بعدم عودة السفير الإسرائيلي إلى الأراضي الأردنية، إلا أن الأيام الأخيرة شهدت تصاعدًا في دعوات تداولتها وسائل الإعلام الإيرانية، ونشطاء على منصات التواصل الاجتماعي، داعين إلى اقتحام السفارة الإسرائيلية ومحاصرتها. ومع ذلك، أكدت وزارة الخارجية الأردنية أن السفارة الإسرائيلية فارغة من أي موظفين.
من جهته كتب سميح المعايطة - وزير الإعلام الأردني الأسبق على حسابه على (X) تغريدة، طالب فيها الحكومة الأردنية بمعاقبة المُحرضين على الأمن الوطني، وقال فيها " على الدولة أن تفكر بجدية بسحب جنسية كل مسؤول في فصيل فلسطيني وعائلته يقوم بالتحريض على امن الاردن ويعمل على اشعال الساحة الاردنية بما يمس امن الاردن واستقراره".
وخلال الأشهر الماضية عكفت وسائل الإعلام التابعة لمحور المقاومة الإيراني على الترويج بأن الأردن يتماهى مع "الإبادة الجماعية" التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، فقد تداولت عدد من وسائل الإعلام المحسوبة على محور إيران بأن الولايات المتحدة تستخدم المطارات والقواعد العسكرية الأردنية لإمداد اسرائيل بالأسلحة، وهو ما نفته القوات المسلحة الأردنية.
ترافقت الدعاية باستخدام الولايات المتحدة للقواعد العسكرية الأردنية بدعاية أخرى بالاعتماد على تقارير إعلامية اسرائيلية، تقول بأن الإمارات والمملكة العربية السعودية والأردن عملت على إنشاء جسر بري لنقل البضائع إلى إسرائيل، وتعيد وسائل الإعلام ذاتها نشر هذه التقارير منذ ديسمبر من العام الماضي حتى هذه اللحظة، بالرغم من أن الجهات الرسمية الأردنية نفت بشكل قاطع أن يكون هناك اي جسر لإمداد اسرائيل يمر من أراضيها، وذلك كما نقلت وكالة الأنباء الأردنية (بترا)
دائمًا ما تستغل إيران الأحداث لصالحها ولصالح مشروعها التوسعي، وهي بارعة في ذلك، وبالتالي هي لا تخلق الأحداث، بل تستغلها من جميع النواحي لتنفيذ مخططاتها، ويظهر ذلك جليًا من خلال الترويج لمعلومات غير حقيقية بهدف إحداث احتقان شعبي، في محاولة لتلميع المليشيات الطائفية على حساب حكومات الدول المعارضة لإيران، وخلق نظرة إيجابية تجاه إيران ومليشياتها كونها الوحيدة التي تقف مع غزة.
وفي السياق يرى عامر السبايلة - المحلل السياسي والاستراتيجي أن الكثير من المجتمع العربي بشكل عام والأردني بشكل خاص يروا القضية الفلسطينية بأكملها من زاوية حماس، وهذا خلق تعاطف بإتجاه إيران باعتبار أنها مناكفة لإسرائيل، وهو النموذج الذي ظهر سابقًا في لبنان من خلال التعاطف مع حزب الله على أنه الوحيد القادر على مواجهة اسرائيل، وبالتالي النظرة الإيجابية ضمنيًا لإيران.
"تحاول إيران استغلال الحدود الأردنية السورية في نقل السلاح أيضا من خلال الأردن وإلى الأردن، كانت هذه أحد الاستراتيجيات التي يعمل بها النظام الإيراني الآن مع الأزمة التي تنتقل في الإقليم بصورة موسعة، يعمل بلا شك على فكرة ضرورة نقل هذه الأزمة إلى مناطق مستقرة تعتبر معادية لإيران، وهي مناطق استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة وبالتالي يجد الأردن نفسه بطريقة وبصورة مباشرة في خانة الاستهداف سواء عبر الهجمات على الحدود وعمليات التهريب أو عبر البروباغندا الإعلامية التي تحاول دائما الانتقاص من الدور الأردني وتعزيز الصورة السلبية ومحاولة التأجيج المجتمعي" بحسب ما قاله السبايلة لـ أخبار الآن.
حذر أردني قديم من التوسع الإيراني
وبالرغم من أنه كانت هناك تحذيرات مبكرة من قبل الملك عبدالله وسبقه الملك حسين والذي كان من أوائل من تحدثوا عن قضية الهلال الشيعي الذي تطمح إليه إيران في منطقة الشام والذي يمتد من بغداد مرورًا بدمشق وصولاً إلى بيروت، والأردن يقع ضمن هذا المخطط، لأنه أمر مهم للهيمنة الإيرانية، فقد افتتح الملك حسين القمة العربية الطارئة 9 نوفمبر 1987 بكلمة عنوانها "قم ستحكم العالم العربي إذا استمرت فرقتنا"، وذلك كما نقلت صحيفة القبس الكويتية حينها، وهو ما يعبر عن حذر أردني قديم من أهداف إيران التوسعية منذ أكثر من 36 عام.
وفي منتصف فبراير من العام 2022 زار العاهل الأردني الملك عبدالله وحدات قوات حرس الحدود، على الحدود السورية بعد مقتل أحد أفراد تلك القوات، على يد عصابات التهريب وقال بأن القوات المسلحة والأجهزة الأمنية لن تسمح بأن يتم تحويل الأردن لساحة للتهريب، وقال في خطابه الموجه للفرق العسكرية "أنا مطمئن وكلي ثقة بقدرة الجيش العربي على حماية حدودنا دائما كما فعلتم في أصعب الظروف اللي مرينا فيها كل الشكر والتقدير على دوركم لحماية الحدود الأردنية وحماية المواطن الأردني وبالذات الشباب بالنسبة للتسلل وتهريب المخدرات، لا سمح الله إذا بيصير أي اشتباك أنا معكم ورئاسة الأركان معكم، بدي منكم عين حمرا ونحن جميعًا إلى جانبكم".