نارفا بداية أوروبا ونهاية روسيا.. مدينة وادعةٌ قد تتفجر منها أفظع حرب بالتاريخ!
مدينة نارفا حيث تبدأ أوروبا ولم تقتنع روسيا يوما بأنّها تنتهي هنا، فمن تلك المدينة التي تبدو وادعة في إستونيا قد تنطلق شرارة أعتى الحروب لأنّها ببساطة الحافة الشرقية لحلف شمال الأطلسي الناتو، وعلى بعد أمتار من الحافة الغربية لروسيا بوتين، إليك القصة الكاملة لنارفا!
بقلم وسيم عرابي
إنّها العاصمة تالين، المدينة الصغيرة التي تضجّ بالتاريخ. فهناك يكفي أن تلتفت يميناً ويساراً وبحركة بسيطة للغاية، لتعرف أنّ إستونيا بلد يتنفّس السياسة منذ عصور قديمة. ففي ذلك المكان، تتجاور الأبنية التي يعود تاريخ بنائها إلى حقبات تاريخية مختلفة.
أمام مدخل الفندق في تالين حيث كنّا نقيم لأيّام قليلة في سياق زيارة “أخبار الآن”، كنّا نرتّب أغراضنا، نضع معدّات التصوير وكلّ ما يلزمنا في السيارة للبدء في يوم عمل سار وفق المخطط له.. كان ذلك في 28 سبتمبر الفائت. لكن وبينما كنّا نهمّ بالصعود من أجل الإنطلاق إلى مدينة نارفا الحدودية مع روسيا، كان يكفي سؤالي عن أحد المباني في الشارع المقابل، ليسرد لي أفراد فريق العمل “السالفة”: هذا المبنى من حقبة ستالين، ذاك من أيّام الاتحاد السوفياتي، وذلك المبنى هناك من عهد الإستقلال…. كان من السهل بالنسبة لهم أن يميّزوا ذلك المباني، وذلك إن دلّ على شيء، فعلى مدة انغماس الإستونيين فعلياً في متابعة الشأن السياسي وتداعيات الحقبات المتتالية.
استغرق الطريق إلى نارفا ساعتين ونصف الساعة، وصلنا بعدها إلى تلك المدينة الهادئة والغريبة في آن، فهي لا تعتبر فقط أقصى المدن الشرقية لإستونيا على الحدود الروسية، إنّما أيضاً تقع على الحافة الشرقية لحلف شمال الأطلسي، الناتو، وهي ثالث أكبر مدينة في إستونيا، لكن أكثر من 90 % من سكانها البالغ عددهم نحو 60 ألف نسمة، يتحدثون اللغة الروسية، وذلك ما يجعلها أكبر مدينة ناطقة بالروسية ضمن الاتحاد الأوروبي.
تقع مدينة نارفا على الضفة الغربية لنهر نارفا الذي يصبّ في بحر البلطيق، وتوجد روسيا على الضفة الشرقية من النهر. بالنسبة لمن يزورها لأوّل مرّة، يعتقد أنّه في منطقة سياحية جميلة تحتوي على مناظر خلّابة تفوق الوصف… لكن في الحقيقة، أنّ الأمر أبعد من ذلك بكثير. فالمنطقة تبدو هناك فعلياً كحدود كلاسيكية للحرب الباردة، إذ أنّه على جانبي النهر توجد قلعتان عملاقتان تتقابلان، فيما الحدود تقع في المنتصف، أي على طول خطّ مجرى المياه الفاصل، وتلك هي الحود الدولية.
إلى الغرب من ذلك النهر تقع قلعة نارفا التي بناها الدنماركيون في القرن الثالث عشر، فيما توجد في الشرق قلعة إيفانغورود، التي بناها أمير موسكو العام 1492. نقطة الإتصال البري الوحيدة في منطقة نارفا هي ذلك الجسر الذي يربط أراضي إستونيا بأراضي روسيا. على ذلك الجسر رتبت للقاء مع إريك بروغل، المشرف في شرطة الحدود، حيث أجريت تلك المقابلة معه عند آخر نقطة يمكن الوصول لها، وكانت القوات الروسية تراقب في الجهة المقبلة ماذا نفعل هناك حيث كانت خطوة واحدة فقط تفصلنا على الأراضي الروسية فعلياً، وقد طلب منّي إريك عدم تخطي ذلك الخط الأمر الذي رسم في منتصف الجسر، وقال لي: لقد وصلت الآن إلى الحدود، وأنت تلمس حافة روسيا”.
بينما نقف على ذلك الجسر المحاط بسياج مرتفع مع أسلاك شائكة، وعلى جانبيه نقاط جمركية في الجانبين، سألته إريك عن العلاقات مع نظرائهم على الجانب الروسي من الحدود منذ الغزو الأوكراني، فقال إنّ “ذلك النوع من العلاقات مقطوع تماماً، لكن لدينا خطٌ ساخن مباشر في حالات الطوارىء، فنحن نستعمل على سبيل المثال الفاكس والبريد الإلكتروني والهاتف، لكنّ التواصل تراجع خصوصاً بعد أزمة فيروس كورونا واندلاع الحرب في أوكرانيا. ومن الممكن أن يرفض الروس الرد علينا أو قد يقرروا أن يتركونا ننتظر على الخط مثلاً مدّعين أنّهم سينادون الشخص المشرف عليهم، لكنّنا قد نجد أن لا أحد أجابنا في نهاية المطاف، وذلك أمر محتمل”.
يصف إريك الوضع حالياً بأنّه هادىء جدّاً ولم تسجل حوادث كثيرة على الحدود لاسيّما عند موقع نهر نارفا، لكن كانت حدثت بعض المشاكل في جنوب شرق إستونيا حيث هناك قسم كبير من الحدود البرية مع روسيا”. وتابع: “في ما يتعلق بالضوابط المطبقة على المعابر الحدودية، تنص إحدى الضوابط الأخيرة على منع الآليات الروسية التي تملك لوحات تسجيل روسية من دخول إستونيا بعد الآن ودخول كل دول البلطيق وفنلندا، لكنّنا لم نواجه مشاكل ناجمة عن ذلك حتى الآن”.
ما هو مثير للاهتمام هو كتاب صدر قبل 123 عاماً وقد ألفته مستكشفة انكليزية تدعى مايبل بينت وكانت قد زارت سقطرى في العام 1899 مع زوجها (الذي وافته المنية لسوء الحظ بعد مرور 4 أيام على عودتهما من سقطرى إلى البر اليمني فكتبت الكتاب بمفردها).
في كتابها المعنون "جنوب شبه الجزيرة العربية" (والذي نشر في العام 1900)، لقد ذكرت السيدة بينت أنها واجهت مع زوجها مصاعب هائلة خلال محاولتهما الوصول إلى سقطرى بعد أن انطلقا من عدن في اليمن.
وعن كيفية حماية الحدود من جهة إستونيا، قال إنّ “حرس الحدود الإستوني يتّخذ إجراءات مختلفة في ذلك الصدد، ونقوم بتسيير دوريات عند الحدود، ولدينا مراقبة تقنية ونطبق طرقاً وتكتيكات مختلفة لرصد المتسلّلين غير الشرعيين عبر الحدود على سبيل المثال. كما أنّنا نحاول أن نعزز البنى التحتية الحدودية والتي يتم إنشاؤها حالياً وسينتهي العمل بها قريباً. فتزداد قدرتنا على العمل على الحدود وتتحسّن بالتالي عملية المراقبة التي نجريها قريباً جدّاً”.
وشدّد مسؤول الحدود الإستوني في حديثه لـ”أخبار الآن“، على أنّ “الإستونيين يدركون أنّ هناك حرباً تدور في أوكرانيا حالياً، وقد شنّها الروس وتلك حقيقة علينا أن نتعايش معها اليوم لأننا نتشارك الحدود مع الجانب الروسي. وبالتالي فنحن نحاول أن نواكب آخر التطورات قدر المستطاع ورصد أيّ خطر محدق. ورغم أنّ الوضع هادىء، لكنّنا نجهّز سيناريو معيّن لكلّ حالة بحيث نكون جاهزين في حال طرأ أيّ جديد سواء كان حرباً حقيقية أو خطراً كبيراً”.
ولدى سؤاله عمّا يحصل على الحدود في الجهة المقابلة، قال: “ما يحصل حالياً هو أنّ القواعد العسكرية التابعة للقوات المسلحة الروسية والواقعة على مقربة من إستونيا أو دول البلطيق، ليست مليئة بالجنود لأنّ معظم جنودها يحاربون في أوكرانيا، وبالتالي يعتقد الجانب الروسي أنّه قد لا يحصل نزاع مع حلف شمال الأطلسي، وإلّا لماذا يقومون بإفراغ القواعد العسكرية… في السابق كان الوضع أكثر خطورة، لكنّنا مازلنا نرصد التحركات في تلك القواعد، والقوات الدفاعية والمسلحة الإستونية تحاول دائماً رصد المؤشرات حول ما قد يحصل في الجانب الآخر من الحدود بحيث نكون جاهزين للتصدّي لها ومستعدين في حال طرأ أيّ جديد على طول حدودنا”.
تدوم الرحلة بين أبوظبي وسقطرى ساعتين تقريباً وتقدّم فيها مضيفات الطيران المأكولات والمشروبات. تحط الطائرة في مطار سقطرى بشكل سلس وكذلك تمر عملية التحقق من جوازات السفر فليس هناك أي مشكلة أو أي شكوى. مما لا شك فيه أن خطوات هذه الرحلة لا تقارن بتلك التي إختبرتها السيدة بينت قبل أن تطأ رجلاها تراب سقطرى.
مع هبوط الطائرة بعد الظهر في سقطرى، من الضروري التوجه إلى حديبو، عاصمة الجزيرة القريبة من المطار. وحديبو بلدة صغيرة إذ لا يتخطى عدد سكانها 8000 نسمة إلا أنها أكبر بلدة موجودة على أرض الجزيرة. هنا في حديبو يمكنك أن تستأجر غرفة في فندق متواضع وتخطط لرحلتك في باقي أرجاء الجزيرة. و هنا استمتع بأواخر ساعات التغذية الكهربائية والمياه الجارية.
ولكن المضحك – أو المحزن في الأمر لا أعرف-، هو أنك لا تنفك عن النظر إلى هاتفك الجوال في اليوم الأول لوصولك إلى الجزيرة ولكن من دون جدوى بالطبع لأن الإنترنت غير متوفر. ولكنك ستستمر بالتحقق من "الواي فاي" في الساعات الأولى لأنه لربما يتم تفعيل هذه الخدمة بفضل معجزة ما. ولكن هذا الأمر مستحيل فيصيبك اليأس وتضع الهاتف جانباً. لو كنت في مكان آخر في العالم، لكان هذا الجوال ليكون أهم آلة تحملها معك في تنقلاتك إلا أنه على أرض هذه الجزيرة لا يعني أكثر من لوح خشبي أو قطعة من الصخور. فلا فائدة له بتاتاً. وبالتالي منذ الليلة الأولى، تبدأ بالتأقلم مع الحياة من دون الهاتف أو الرسائل الخطية أو حتى الأخبار العاجلة من حول العالم.
في اليوم التالي، نغادر العاصمة لأن عجائب سقطرى الفعلية موجودة خارج حديبو.
بما أن عرض الجزيرة ليس كبيراً فهي بطول 130 كلم وعرض 50 كلم، فيمكن للسائح أن يصل إلى أي نقطة يريدها بسرعة كبيرة لكن الطرقات الوعرة هي العراقيل الوحيدة أمامه وبالتالي يمكن لمسافات صغيرة أن تستغرق وقتاً طويلاً.
من دون أدنى شك، تعتبر زيارة أشجار "دم التنين" في غابة فرمهين أكثر الأماكن جمالاً وسحراً في هذه الجزيرة ولكن الوصول إليها يستغرق بضع ساعات نظراً لوعورة الطرقات ولارتفاع الجبال في هذه المنطقة الواقعة في وسط سقطرى.
نكمل طريقنا صعوداً عبر الطرقات الموحلة، لنبدأ برؤية شجرة "دم التنين" ومن ثم نصل الى نقطة محددة لنتفاجئ بغابة فسيحة تنمو فيها أشجار "دم التنين" بالآلاف. يا له من منظر أخاذ!
تعتبر أشجار "دم التنين" رمزاً لجزيرة سقطرى لأنها لا تنمو في أي مكان آخر على وجه الكرة الأرضية. وحتى هنا على هذه الجزيرة تعتبر الأشجار نادرة الوجود ويعود السبب في ذلك إلى أنها تنمو ببطء شديد فمعظم هذه الأشجار معمرة ويتراوح عمرها بين 500 و1000 سنة! كما أن أشجاراً كثيرة تموت بسبب العواصف الشديدة التي تضرب الجزيرة.
عدنان النوبي، أحد كبار المرشدين السياحيين والذي يدير وكالة سفريات في سقطرى، يعتبر أن هذه الأشجار مهمة جدا لسقطرى: " لا شك في أن شجرة دم التنين هي كنز لجزيرتنا".
ولكن الجزيرة تمتلك أموراً كثيرة أخرى تقدمها للسياح بالإضافة إلى هذه الأشجار الشهيرة.
يوفر النوبي وفريقه رحلات على متن سيارات دفع رباعي لزيارة الكثبان الرملية الكثيفة على شاطئ عرعر في المنطقة الواقعة شرق سقطرى. فهذه الكثبان الرملية الواقعة بين شاطئ مذهل وجبال صخرية شاهقة ترتفع بعلو 300 متراً وتتيح لك رؤية المناظر الخلابة .
من هناك يمكنك الانتقال لزيارة وادي كيلسن. بعد المشي لمدة ساعة تقريباً تجد نفسك أمام صخور بيضاء اللون التي يتوسطها نهر أزرق غزير . أو حتى يمكنك زيارة محمية حومهيل حيث سيكون بوسعك السير وسط أشجار دم التنين وأشجار الزجاجة المميزة والتي تشبه قدم الفيل بعض الشيء. وهكذا تبقيك الجزيرة في كل الأوقات مسحوراً ومتفاجئاً بجمالها.
كات فيشر وهي سائحة قدمت من كندا لزيارة سقطرى تقول إن "زيارة الجزيرة أشبه بالتواجد في حديقة نباتية عملاقة. الجزيرة جميلة للغاية لا بل أخاذة الجمال".
بما أن سقطرى يسكنها 60 ألف نسمة فقط، تعتبر المساحة الأكبر في الجزيرة غير مأهولة. فأينما ذهبت، تشعر بأنك وحيد في هذا العالم. لذلك حافظت الجزيرة على جمالها ولم تشوهها الطرقات أو الجسور أو المباني أو المعامل أو ما شابه. وبالتالي لا تتوقع رؤية حانات ومطاعم هنا. فليس هناك أي شيء باستثناء بعض القرى الصغيرة الهانئة.
وبما أنه لا فنادق خارج العاصمة، فسوف تبيت ليلتك في خيمة تحت النجوم، لن ترى من خلالها سوى نور القمر والنور الآتي من نار المخيم المشتعلة. لكن التجربة فريدة للغاية.
يصطحبك النوبي وفريقه إلى أماكن أخرى في الجزيرة ومن بينها "كهف حوق" التي ينصح الجميع برؤيته. للوصول إلى الكهف، يجب السير لمدة ساعتين تقريباً وسط مساحات غضّة خضراء. درب صغيرة ستوصلك إلى عمق كيلومترين في وسط الجبال. هناك يخيم ظلام حالك والمكان مخيف قليلاً. إن أدرت مصباحك الكهربائي يساراً أو يميناً سترى الكثير من الرواسب الكلسية الهابطة والصاعدة التي ترتفع عدة أمتار. ولكن حذار: حاول ألا تتوه في هذا الجبل المظلم لأنه ما من أحد يمكنه مساعدتك على الخروج من هنا.
تعتبر سقطرى جزيرة آمنة جداً إلا إن تهت في كهف. فالنزاع الدائر في باقي اليمن بعيد جداً من هنا، كما أنك لا تصادف جنوداً أو أسلحة في شوارع الجزيرة.
إن الدبابات السوفياتية القديمة المهجورة على بعض الشواطىء هي القطع العسكرية الوحيدة الموجودة في العلن على الجزيرة. فحتى العام 1990 كانت سقطرى جزءاً من "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" والتي كانت حليفة للاتحاد السوفياتي إلا أن هاتين الدولتين لم تعودا موجودتين على خريطة العالم. وبالتالي إن السبب الوحيد لبقاء هذه الدبابات هو تعذر نقلها من هنا بسبب وزنها الثقيل.
جايسون ويلر هو سائح أمريكي يقول أن "الجزيرة رائعة ولطالما أردت زيارتها. شعبها لطيف وودود، كما أنها آمنة جداً. جئت إلى هنا برفقة قريب لي. من الواضح أنني ما كنت لأزورها لو كانت محفوفة بالمخاطر".
نهاية الرحلة هي في بلدة قلنسية، في المكان نفسه الذي وصلت إليه المستكشفة الإنكليزية السيدة بينت التي جاءت إلى سقطرى في العام 1899.
لربما لم تتغير قلنسية كثيراً خلال السنوات المئة والعشرين الماضية. فما زالت بلدة صغيرة وهادئة تنتشر فيها بعض البيوت المبنية من الحجر والمساجد الجميلة. هنا نجد مراكب صغيرة منتشرة في البحر وصيادون على الشاطىء وسوق صغير لبيع السمك.
تصف السيدة بينت في كتابها كيف كان الأطباء المحليون يستعملون النار لمعالجة المرضى في البلدة وكيف كان الطبيب يضع قصبة معدنية في النار وينتظر أن ترتفع حرارتها ليضعها على المنطقة التي تؤلم المريض. بحسب المعتقدات المحلية هذه الممارسة تشفي المرض ولكنها تخلّف وراءها حروقاً مؤلمة جداً على الجسد.
في هذا السياق، يقول لنا مهدي نسيب، وهو دليل سياحي متخصص في الطيور التي تعيش في سقطرى: "ما زال لدينا أطباء يعالجون بالكي بالنار في الجزيرة حتى اليوم". وفيما يرفع قميصه القطني، يمكنك أن ترى ندبتين أو ثلاثة ندبات خلفهما العلاج بالكي على جسده. ويضيف "لقد عالجني الطبيب المتخصص بالكي عدة مرات. هذا العلاج مؤلم جداً ولكن سكان الجزيرة يؤمنون بأنه قادر على الشفاء من الأمراض".
بعد قضاء ليلة في بلدة قلنسية، آن الأوان للعودة إلى مطار حديبو. بما أن الطائرة كانت تنتظرنا، صعدنا على متنها و استلقينا على المقعد المخصص لنا. يبدو كل شيء سهلاً في هذا الزمن. بعد أقل من ساعتين، ها نحن قد عدنا إلى صخب مدينة أبوظبي. لا شك في أن ابن بطوطة وماركو بولو والسيدة بينت كانوا ليشعروا بالغيرة مما فعلناه!
سقطرى – معلومات أساسية
سقطرى هي جزيرة يمنية تقع بين عمان واليمن والصومال. تبلغ مساحتها تقريباً ثلث مساحة لبنان ويناهز عدد سكانها الستين ألف نسمة فقط.
تنتمي سقطرى سياسياً إلى اليمن وإلى العالم العربي ولكنها جغرافياً جزء من إفريقيا.
بما أنها جزيرة نائية، تنمو فيها أنواع كثيرة من النباتات والأشجار التي لا توجد في أي مكان آخر مما يجعل سقطرى مكاناً فريداً من نوعه.
تشتهر الجزيرة بأشجار دم التنين الغريبة الشكل.
يتحدث سكان الجزيرة اللغة العربية بالرغم من أن اللغة المحلية هي اللغة "المهرية".
إن أردت السفر إلى سقطرى، خذ معك: بطاريات، مصباحاً كهربائياً، كيس نوم، خيمة صغيرة وبعض الدراهم الإماراتية.
سقطرى: كيف يمكنك الوصول إلى هناك وماذا تأخذ معك؟
هناك رحلة أسبوعية مباشرة تسيّرها شركة "العربية للطيران" من أبوظبي إلى سقطرى يومي الإثنين أو الثلاثاء من كل أسبوع ويبلغ سعر البطاقة 900 دولار أمريكي تقريباً.
أنت بحاجة إلى تأشيرة دخول يمنية لكي تتمكن من أن تستقل الطائرة المتجهة إلى سقطرى وهي بكلفة 150 دولاراً أمريكياً.
سقطرى جزيرة نائية وغير متطورة كثيراً.
السكان هم من المسلمين السنّة ومن غير المحبّذ التقاط صور لنساء الجزيرة.
يمكنك أن تجد في العاصمة حديبو التي يعيش فيها 8 آلاف نسمة بعض الفنادق البسيطة ولكن في باقي أرجاء الجزيرة أنت بحاجة إلى خيمتك الخاصة وكيس النوم الخاص بك.
بالكاد يتوفر التيار الكهربائي على الجزيرة. فإن أردت أن تشحن هاتفك المحمول، لا تنس أن تأخذ معك شاحناً يعمل على الطاقة الشمسية.
سقطرى هي الوجهة المثالية للإبتعاد عن هاتفك لعدم توفر الإنترنت أو خدمة الواي فاي. وانسَ تطبيقي إنستغرام وفيسبوك.
حال الطرقات سيئة للغاية بمعظمها. لذلك استقل سيارة رباعية الدفع للتنقل في الجزيرة.
يمكنك أن تدفع بالريال اليمني أو بالدرهم الإماراتي ولكن من الصعب جداً تحويل الدولار الأمريكي أو اليورو في الجزيرة فمن الأفضل أن تحوّل عملاتك الأجنبية إلى دراهم في مطار أبوظبي. خذ معك نقوداً من فئات صغيرة مثل فئة 10 و20 و50 درهماً لأن لا أحد لديه فكة إن أعطيته ورقة 500 درهم.
بالطبع لا توجد صرافات آلية في الجزيرة ولا يتم قبول البطاقات المصرفية فالدفع نقداً.
ما هي النشاطات المتاحة والأماكن التي لا بدّ من زيارتها في الجزيرة؟
بما أن خدمة الواي فاي غير متوفرة، ستتفاجأ بالكم الهائل من النشاطات التي يمكنك أن تقوم بها في يوم واحد.
لا بدّ أن تزور غابة فرمهين حيث ستجد أشجار دم التنين. هذا مكان سحري وبالتالي حاول أن تمضي ليلة في هذه الغابة.
كما أن كهف حوق يستحق الزيارة فهو يضم درباً بطول كيلومترين يمتد في قلب الجبل. خذ معك مصباحاً كهربائياً وبعض البطاريات الإضافية لأن الظلام حالك بداخله.
قلنسية تملك شاطئاً وبحيرة جميلين جداً فلا تتوانَ عن زيارتهما. كما تملك البلدة سوقاً جميلاً لبيع السمك والمأكولات البحرية.
لا تنس زيارة شاطىء "عرعر" الذي يتميز بكثبانه الرملية العالية. ولم لا تحاول تسلّق هذه الكثبان!
سقطرى هي أرخبيل مؤلف من 4 جزر وسقطرى هي أكبر الجزر من دون منازع. أما الجزر الثلاث الصغيرة الأخرى فهي: عبد الكوري وسمحة ودرسة ولكن لا تزر هذه الأخيرة لأن هناك سبب وجيه لبقاء هذه الجزيرة غير مأهولة. ففي الليل، على حد قول صيادي الأسماك الذين يعيشون في الجزيرة، يجوبها آلاف الجرذان العملاقة. حتى اليوم، سائح روسي واحد بات ليلته في درسة في خيمة خاصة لكنه خرج منها مرعوباً جداً لدرجة أنه كان في حالة صدمة. فحذار وقد أعذر من أنذر: هذه الجزيرة محظورة.
هل زيارة سقطرى آمنة؟
نعم، رغم انّ الحرب دائرة في اليمن، سقطرى جزيرة آمنة. تسيطر عليها قوات المجلس الانتقالي الجنوبي التي تدعمها الإمارات العربية المتحدة ولكن لا وجود لأي جندي إماراتي على الجزيرة. القوات الوحيدة الموجودة هنا هي قوات يمنية تنتمي إلى المجلس الإنتقالي الجنوبي. على طول الطرقات الرئيسية في الجزيرة، توجد بعض الحواجز ولكن هذه الحواجز غير مأهولة بشكل إجمالي.
تملك الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وجوداً إنسانياً على الجزيرة وهما ترعيان عدة مستشفيات ومدارس ومساجد وتقدمان التمويل اللازم لها.
النهاية